قيمة العطاء
عبير الدوسري

من الأمثال الشعبية القديمة «سوّ خير وقطّه بحر»، بمعنى اعمل الخير ولا تنتظر شكراً من أحد، ولعل في هذا المثل تجلياً واضحاً لقيمة العطاء من غير مقابل، ومدى استشعار المجتمع لقيمة العطاء.
بالفعل إن العطاء سبب من أسباب السعادة بالنسبة للناس الأسوياء، والذين يعتبرون إدخال السرور في أنفس الآخرين متعة ولذة، وليس المقصود هنا العطاء المادي فقط، ولكنه العطاء بجميع أشكاله حتى البسيطة منه، كسؤال عن أحدهم، أو كلمة طيبة تقال لشخص هو بأمسّ الحاجة لرفع المعنويات.
وإن السعادة التي تعطى تكون ذات آثار مرتدة إذا صح التعبير، أو ذات تغذية نفسية راجعة، فالبذل يرجع لنا بكمية طاقة إيجابية رهيبة إذا لمسنا فعلاً نية إدخال البهجة على من حولنا.
من منّا لا يبحث عن السعادة؟ ومن منّا لا يقصد وسائل الترفيه والترويح عن النفس؟ في ظل الضغوط الرهيبة التي يتعرض لها العالم بأسره، ولكن لو نظرنا ملياً لما حولنا، لوجدنا أن السعادة معدية عبر العطاء، وهو من الكرم، وإن إبهاج الآخرين سرّ من أسرار الكون، إذ هو سعادة غير مرتبطة بذواتنا، ولكنها تعود علينا بحجم كبير من البهجة وانشراح القلب وتعزيز الثقة بالنفس، لما فيها من قوة تغيير مزاج أحدهم أو رفع معنوياته، وتثبت لنا أننا أحياء ونحسّ بعضنا بالآخر.
رسالتي هنا أوجهها للجميع، بالتركيز في العطاء تجاه الدائرة المحيطة بنا، والسعي دائماً لإسعادها فهي الطريق للسعادة الحقيقية، فما أجمل العطاء!! وخاصة إذا كان من عند ربّ العالمين، امتثالاً لقوله تعالى: «ولسوف يعطيك ربك فترضى» سورة الضحى، فالآية رقم 5 وإن كان لها سبب نزول فإن معناها يتواصل مع كل إنسان، وصدق ابن الرومي في قوله:
ليس الكريم الذي يعطي عطيتَه
على الثناء وإن أغلى به الثمنا
بل الكريم الذي يعطي عطيته
لغير شيء سوى استحسانه الحسنا.
اقرأ ايضا

الفروقات

المعالي كايده

القيامة تقوم

ممكن شوي.. لو سمحت!

التقدم في العمر متعة!
